ازويرات.. هكذا يتم «تفويج» ألفي سيارة تنقيب نحو «الشكات»

0
441

مدينة ازويرات التي ظلت لعقود طويلة «عاصمة المناجم» في موريتانيا، استقبلت خلال الأيام الأخيرة حوالي 2000 سيارة، على متنها آلاف المنقبين عن الذهب، قدموا من جميع مناطق موريتانيا، ويستعدون للانطلاق نحو «الشكات» داخل المنطقة العسكرية، تحت إشراف من الجيش وشركة «معادن موريتانيا».

الإحصائيات الأولية تشير إلى أن عدد المنقبين تجاوز 21 ألف منقب، على متن ألفي سيارة وشاحنة، ستنطلق في نفس الوقت نحو منطقة التنقيب الجديدة على بعد 800 كيلومتر من مدينة ازويرات، ولكن كيف ستنطلق ألفي سيارة في نفس الوقت «تقريبا» ؟

للإجابة على هذا السؤال، عُقدت سلسلة اجتماعات في مباني الولاية حضرتها شركة «معادن موريتانيا» واللجنة الجهوية للأمن وممثلين عن المنقبين، أسفرت عن وضع خطة «لتفويج» المنقبين نحو منطقة الشكات، وفق مقاربة قال المشاركون في الاجتماع إنها تقوم على «الشفافية والعدالة».

أمام رغبة جميع المنقبين في الوصول أولاً إلى منطقة التنقيب، أو على الأقل الوصول في نفس الوقت، تقرر ترتيب السيارات حسب «وقت وصول السيارة إلى موقع الانطلاق» خارج ازويرات، يجري ترتيب السيارات وتفويجها في عشرين صفاً، كل صف يتكون من مائة سيارة.

يشرف على الانطلاقة عشرون فرداً من الأمن، خمسة من كل قطاع (الدرك الوطني، الشرطة الوطنية، التجمع العام لأمن الطرق، الحرس الوطني)، ويشرف كل فرد على أحد الصفوف، يتحقق من السيارات وإجراءاتها، قبل أن يعطيها ملصقاً يحمل طابع المنطقة العسكرية الثانية، سيمكنها من دخول المنطقة العسكرية المغلقة.

حسب الخطة المطروحة فإن العملية ستبدأ بشكل متزامن، وفي كل دقيقة ستنطلق عشرون سيارة، واحدة من كل صف، ما يعني أن ألفي سيارة سيتم تفويجها في مائة فوج، يتكون كل فوج من عشرين سيارة، ما يعني أنه في غضون ساعة وأربعين دقيقة ستكتمل عملية الانطلاق، وذلك تفادياً لوقوع أي حوادث في منطقة صحراوية مفتوحة.

فتحت شركة «معادن موريتانيا» خمس محطات على طول الطريق، في كل محطة سيارة إسعاف وفريق من الشركة وفرقة من الدرك الوطني، بالإضافة إلى ممثلين عن نقابات المنقبين الذين يتحركون في المنطقة للتأكد من ظروف إطلاق تفويج المنقبين.

ولكن سيارات المنقبين المنطلقة من ازويرات نحو «الشكات»، غير ملزمة بأن تسلك نفس الطريق، ولا أن تسير بنفس السرعة، وهنا تبرز عوامل قد تزيد من حظوظ البعض، كمعرفة الأرض وتضاريسها ومسالكها، بالإضافة إلى قدرات السيارات وخبرة سائقيها.

رغم الاحتياطات التي اتخذتها السلطات، إلا أن العملية ستكون في النهاية سباقاً مفتوحاً بين ألفي سيارة، في حلبة يصل طولها إلى أكثر من 800 كيلومتر، والمكافأة في النهاية موقع جيد في منطقة يقول المنقبون إنها غنية بالذهب، أكثر من أي منطقة أخرى في البلاد، بناء على قصص يحكيها من دخلوها بطريقة غير شرعية.

رغم وصول عدد سيارات المنقبين إلى ألفي سيارة، إلا أن مكاتب شركة «معادن موريتانيا» في ازويرات، مستمرة في استقبال طلبات الترخيص، ما يعني أن الإقبال سيظل مستمراً حتى بعد الانطلاقة الرسمية، التي ستجري في حفل خارج المدينة.

إنه حدث غير مسبوق، فمدينة ازويرات التي تعانق أكبر منجم للحديد في كدية «الجل»، أصبحت – بلا منازع – مدينة المنقبين عن الذهب، ولا حديث للسكان إلا عن المعدن الأصفر، وأولئك الرجال الملثمين القادمين من بعيد بحثاً عنه، يتجولون في الأسواق، وينفقون بسخاء كبير.

لعدة أيام ازدحمت سيارات المنقبين أمام محطات الوقود، استعداداً لرحلة طويلة في عمق الصحراء، تتطلب منهم التزود بما يحتاجونه من محروقات لثلاثة أشهر مقبلة، ما أثار المخاوف من أزمة محروقات، ولكن شركة «سنيم» زادت كمية المحروقات التي تضخها في السوق، من 17 ألف لتر إلى 22 ألف لتر، بزيادة 5 آلاف لتر في غضون يومين فقط، وشكل ذلك فرصة لتحقيق أرباح كبيرة، إذ كانت الشركة تبيعُ الوقود للمحطات.

الوكالات البنكية هي الأخرى كانت من نقاط الزحمة، خلال الأيام الأخيرة، ما اضطرها إلى أن تفتح أبوابها طيلة عطلة نهاية الأسبوع الماضي، وهو إجراء استثنائي يهدف إلى تمكين محطات الوقود من دفع فواتير شركة «سنيم»، للحصول على كميات إضافية من المحروقات.

كما كانت تستقبل الوكالات البنكية المنقبين الراغبين في دفع رسوم رخصة التنقيب، والتي تبلغ قيمتها 10 آلاف أوقية قديمة عن كل منقب، وخمسين ألف أوقية عن كل سيارة، ومائتي ألف لكل شاحنة كبيرة، ما وفّر سيولة كبيرة لهذه الوكالات.

أما أسواق ازويرات فانتعشت فيها الحركة التجارية مع دخول أكثر من عشرين ألف منقب، يقتنون ما يحتاجونه من مواد غذائية وتجهيزات ومولدات كهربائية، بالإضافة إلى أدوات الحفر وآليات التصفية، عدا عن الخيام والحبال وأواني الطهي وإعداد الشاي، لقد كان هؤلاء المنقبون يشترون كل شيء قد يحتاجونه في عزلتهم البعيدة.