أعلن المجلس الدستوري في موريتانيا، اليوم الجمعة، أن القانون المعدل للنظام الأساسي للقضاء الذي صادق عليه البرلمان مؤخراً «لا يخالف الدستور»، رغم الجدل الكبير الذي أثير حوله والانتقادات التي وجهت له.
وكان هذا النظام محل طعن من طرف العديد من الأوساط في القضاء الموريتاني، اعتبرت أنه تضمن مخالفات صريحة للدستور ولمبدأ فصل السلطات، وارتفعت مطالب عديدة بضرورة مراجعته قبل اعتماده.
ولكن المجلس الدستوري راجع القانون أمس الخميس، وأعلن اليوم أنه «لا ينطوي على ما يخالف أحكام الدستور».
وأخذ العديدُ من القضاة على التعديل عدم شموليته، إذ اقتصر على نقطتين فقط (التراتبية وسن التقاعد)، مع أنهم أشادوا بفتح الرتب وإلغاء المعادلة؛ ووصفوه بأنه «مكسب كبير» سوى أنه يشترط «عدم الخضوع لعقوبة تأديبية، مع إبقاء المقتضيات التأديبية كما كانت».
وأوضحت ذات المصادر القضائية أن النصوص «لا توفر للقاضي ما يكفي من الضمانات في مواجهة التعسف في التأديب»، وهو ما يعني أن هذا الشرط يمكن أن «يحول دون جني الثمار المرجوة من التعديل».
وبخصوص تعديل سن التقاعد، فوصفتها المصادر بأنها «مكسب منقوص؛ إذ سوى بين القضاة وغيرهم من الموظفين في سن التقاعد؛ ولم يتذكر أن سن الاكتتاب بالنسبة للقضاة تختلف كثيرا عن سن غيرهم».
ودعت المصادر إلى ضرورة «احترام مبدأ المساواة أمام القانون، المكرس بالمادة 19 من الدستور الموريتاني، وأن يزاد في نهاية عمر القضاة المهني بمقدار ما شرطت زيادته في أعمارهم حين الاكتتاب».
واعتبرت هذه المصادر أن ما جرى يتضمن «تجاهلاً لمقتضيات دستورية صريحة؛ وتطبيق قوانين خارجة عليها، ومعارضة لها نصا وروحا»
من جهة أخرى انتقدت أوساط قضائية خلو القانون الجديد من «مقتضى دستوري وارد في المادة 89 جديدة من الدستور؛ التي نصت على أن المجلس الأعلى للقضاء يتألف من تشكلتين: إحداهما مختصة في القضاء الجالس؛ والأخرى مختصة في قضاة النيابة؛ بينما لا تزال المادة: 48 جديدة من هذا القانون تعتبره تشكلة وحيدة؛ وهي مخالفة صريحة للدستور كانت أولى بالتعديل وأكثر إلحاحا من كل المقتضيات لتعلقها بالدستور».
كما اعتبرت ذات المصادر أن القانون الجديد «تضمن مقتضيات صريحة، وتسري فيه روح خفية، تناقضان تماما ما يرشد إليه الدستور ويأمر به، نصا وروحا، من فصل السلطات ومن استقلال السلطة القضائية عن نظيرتيها».
وتوضح المصادر أن المادة 89 من الدستور الموريتاني تنص على أن «السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية»، ونصت المادة 90 من الدستور على أن «القاضي لا يخضع إلا للقانون، وهو محمي في إطار مهمته من كل أشكال الضغط التي تمس نزاهة حكمه».
إلا أن القانون الجديد «يجعل كل القضاة تابعين إداريا لوزير العدل، اي أنه هو رئيسهم الإداري المباشر، ووزير العدل هو نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء؛ أي هو المجلس الأعلى للقضاء واقعيا؛ وهو صاحب الصلاحيات في كل ما يتعلق بالوضعية الفردية للقاضي؛ نقلا وتحويلا وإعارة واستيداعا واقتراح تأديب على تشكلة يخضع لسلطته معظم أعضائها».